السبت، 15 أبريل 2017

الفنان التشكيلي محمد نظام يفوز بجائزة الإنجاز الثقافي البارز في عُمان لعام 2016 عن مجمل أعماله ومسيرته الفنية



أعلنت مبادرة "القراءة نور وبصيرة" الفنان التشكيلي العُماني محمد نظام فائزاً جديداً بجائزة الإنجاز الثقافي البارز في عُمان في دورتها الثامنة لعام 2016. الجدير بالذكر أن مبادرة “القراءة نور وبصيرة” مبادرة إجتماعية مستقلة غير ربحية معنية بنشر الثقافة والمعرفة في المجتمع. أما جائزة الإنجاز الثقافي البارز فهي جائزة عينية رمزية، غير مالية، ولا رسمية دأبت المبادرة على منحها تقديراً لأصحاب المنجزات الثقافية العمانية البارزة في مختلف الأصعدة، تمنح للشخصيات والجهات والمبادرات حسب تجاربها الإبداعية المتنوعة.

ارتأت لجنة تحكيم جائزة الإنجاز الثقافي المؤلفة، هذا العام، من كل من الشاعر سماء عيسى (مؤسس الجائزة )، والشاعرين إبراهيم سعيد، وخميس قلم “أن تلتفت بالجائزة هذا العام نحو جانبٍ ثقافي لامع لم يسبق لها طرقه في سلسلة الفائزين بجوائزها من قبل، وهو جانب جذري عميق الأثر في الحقل الثقافي المعاصر، العماني والعربي والعالمي، ولذلك رأت اللجنة العناية بهذا الجانب المهم ولفتاً لانتباه الجمهور العام إليه، أن تعلن الفائز بهذه الدورة من بين أقطابه ومبدعيه، وهو الفن التشكيلي في عُمان”.

وأضافت اللجنة في بيانها: ” لقد آمن فنانون عمانيون كثيرون بفنهم وقاوموا عبر أدواتهم البسيطة كل التحديات والصعاب الحقيقية، كي يقيموا أود فن تشكيلي في بلادنا، عبر عقود طويلة من الجهد والعمل والتثقيف الذاتي والحب، فأسسوا لأنفسهم وللفن التشكيلي في عمان سمعة طيبة ومحترمة، وفي أحيان كثيرة كان ذلك بصفة فردية وخارج نطاق المؤسسات التي أنشئت لرعايتهم، ولم يكن الاختيار سهلاً من بين كل تلك الطاقات المبدعة التي ما زالت تشتغل وتعمل في هذا الحقل المتسامي والفن البصري، لكن اللجنة حاولت جهدها في تحري أكبر قدر من الإجماع على تجربة تشكيلة وفنية واحدة لتتويج فنانها من بين رموز الفن التشكيلي العمانيين.”



أما اختيارها للتشكيلي محمد نظام جاء لأنه: ” فنان تعددت مشاركاته وتجاوزت كل الأطر الجغرافية، بشخصية أعماله الفنية الفريدة ولوحاته المميزة بخروجها الأساسي على الإطار المغلق كفضاء للعمل، والعناية الدقيقة بالتفاصيل الشكلية والتناسب اللوني في أعماله، والاشتغال على جذور الشكل البصري وتخليقه، وتوسيع الخطوط الطبيعية للأشكال لتأخذ مداها الغرائبي المدهش للعين الرائية، مع الاهتمام بأثر الانشداه البصري والمفاجأة وعدم الاستسلام السهل للمتلقي قبل تحفيزه و إثارة كوامن الرؤية والتمعن والنظر عبر الأساليب والفنيات الدقيقة الهادئة والصبورة في الوصول إلى المتلقي.” 

كما أولت اللجنة اهتمامها لتفرد تجربة نظام وانغماسه “ في مشروعه الخاص في الفن البريدي، والذي جعل له بفنهِ صبغةً عالمية أيقونية، فشارك ولا زال في معارض الفن البريدي العالمية المتخصصة، حيث نبع شغفه ذلك أساساً من عمله الطويل في تصميم الطوابع البريدية العمانية، ثم مواصلته نفس المشروع الفني دون توقف رغم تقاعده، فقام بتحويل الأغلفة البريدية والطوابع إلى أعمال فنية، ورغم الإرغامات الرسمية لهذا العمل لكن محمد نظام استطاع أن يأخذ شعلة الفن البريدي والطوابع البريدية وينحو بها منحاً فنياً، نحو خطاب عالمي يجمع أيقونات الشعوب والإنسان على الأغلفة البريدية، وهو ما زال إلى يومنا هذا مهموماً ومخلصاً لهذا الحقل بفنه وموهبته، ما جعله يتحول إلى فن أيقوني بالرسم على أغلفة الرسائل، بالأيقونات الشائعة، العالمية والمحلية، مرتكزاً على موضوعة الاتصال كثيمة أساسية، ورئيسية، ثم الانشغال لتحويل غلاف الرسالة لوسيلة تعبير طائرة، لوحةً متفلتةً من قيود صالات العرض، وسجونها، حرة تسافر في صناديق البريد، وتنثر ورق الفن في طريقها.



إن اللجنة تحيي بمنحها هذه الجائزة روح الفنان الأصيلة والتي عكست من حولها نور الفن نفسه وضياءَه الصادق، بتعاطيه الواعي المبكر إلى إشكاليات التراث والبيئة والمحلية، واللوحة الفنية كما قال: (اللوحة صدر الأم أو خارطة الوطن) عبر التركيز على لغة اللوحة كرسالة كما عبر عن ذلك.


كما عرّجت اللجنة على تنوّع تجربة التشكيلي محمد نظام وانعكاسات روح الفن و عشقه “لتصب في أجيال وأجيال من الفنانين والكتاب العمانيين المعاصرين الذين شارك -نظام- بكل طيبة خاطر عدداً كبيراً منهم أعماله وتزينت كتبهم بلوحاته، كما وشارك بفنه في سينوغرافيا تصميم المناظر المسرحية والديكورات في تجربته في مسرح الفليج، فأثر وأثرى وزيّن بفنه قطاعات من الحياة العامة وأثر حتى في الناس العاديين الذين يتعاطون مع أعماله دون أن يعرفوه والذين مسهم هذا الفنان بسحره فجعلهم يقدرون الفن، ويدركون مهمة الفنان، وكان ذلك من أثره الإجتماعي الشخصي، ناهيك بمشاركاته الدائمة واهتمامه بالقضايا المصيرية للإنسان.”



جرت العادة أن يقام الاحتفال بتسليم الجائزة للمحتفى به في وقت لاحق، ويتم الإعداد في أثنائها لكتاب تصدره المبادرة يضم حواراً مطولاً مع الفائز وشهادات لنقاد وكتاب وفنانين عن الفائز وعن تجربته الإبداعية والإنسانية. يشار الى أن جائزة الإنجاز الثقافي البارز في عُمان قد تأسست عام 2009 ، ومن بين الفائزين بها في السنوات الماضية السينمائي عبدالله حبيب، والروائي أحمد الزبيدي والمحامي يعقوب الحارثي، وموقع "أكثر من حياة" المتخصص في الحث على القراءة، والشاعر محمد الحارثي، والقاص محمد عيد العريمي.

الاثنين، 25 أبريل 2016

القاص والروائي محمد عيد العريمي يفوز بجائزة الانجاز الثقافي البارز في عُمان لعام 2015


أعلنت مبادرة "القراءة نور وبصيرة" القاص والروائي محمد عيد العريمي فائزاً جديداً بجائزة الانجاز الثقافي البارز في عُمان في دورتها السابعة لعام 2015 .. وقد دأبت المبادرة على منح هذه الجائزة منذ عدة سنوات لشخصيات وجهات ثقافية بالنظر الى منجزها الثقافي البارز وتجربتها الإبداعية المتنوعة كان آخرها الشاعر العماني محمد الحارثي .. وفي حيثيات اختيارها للعريمي قالت لجنة التحكيم المؤلفة من كل من الشاعر سماء عيسى (مؤسس الجائزة )، والشاعرين صالح العامري، ومحمود حمد قالت أن قدوم الكاتب محمد عيد العريمي من تجربة أليمة وصادقة، قدمته كاتباً متميزاً، هي تجربة الإعاقة، التي تحولت لديه إلى تحدٍّ شكل فرقاً في العطاء الثقافي النبيل. وقد أعطته هذه التجربة باستيعابها الروحي الخلاق تميزاً وفرادة في الأدب العماني المعاصر، خاصة في أدب السيرة الذاتية الذي هو أدب حديث التأسيس في الإبداع العماني، إلا أنه جاء ثرياً بتجارب متعددة، منها تجربة محمد عيد العريمي باعتبارها واحدة من أهم تجاربها وأكثرها ثراء. لقد كان تحدي الإعاقة حالة إنسانية وإبداعية شكلت فرقاً في العطاء الثقافي النبيل.

. وأضافت اللجنة أن محمد عيد فتح عوالم من الخيال الإبداعي الرحب في عدد من تجاربه الإبداعية، مثل "حز القيد" الرواية التي وثق فيها الكاتب تجربة السجون في الوطن العربي، وصولاً إلى تجربته الروائية الأخيرة "حكايات يونس حيم"، وهي التجربة التي ينسج فيها الخيال والواقع عملاً فريداً، لا يفارق رائحة الأرض وسكانها البسطاء، عبر تجربة يختلط فيها السرد بواقع معيشي يرفعه الكاتب إلى مستويات ثرية من الإبداع الروائي والقصصي.

وأوضحت اللجنة أن من أبرز ما يميز الكاتب محمد عيد العريمي هي قدرته الخلاقة على ربط تجربة حياته الشخصية بتجربة شعبه وأرضه وترابه، متجلياً ذلك في عدد من أعماله الإبداعية المتميزة، مثل "بين الصحراء والماء"، وهي التجربة التي وثقت لنا حياة تنعدم اليوم، تجربة ستظل ثرية في أحداثها وشخوصها، خاصة لامتدادها الجغرافي الذي شمل ذاكرة البحر وذاكرة الصحراء.

يعتبر الكاتب محمد عيد العريمي نموذجاً مشرفاً للكاتب الذي يتوجب على الأجيال القادمة الاقتداء بصبره وكفاحه وإيمانه بقيم الإبداع حين تضعنا الحياة في أكثر دروبها صعوبة ومشقة.

إجمالاً يمكن القول بأن محمد عيد العريمي استطاع أن يقرأ في رواياته واقعنا المكلوم ورغبتنا في الحياة، كما أن الإخلاص في قضية الإنسان والوطن ماثلة بتفاصيلها في أعماله الإبداعية. كما استحق هذه الجائزة لأنه ترك أعمالاً تتميّز بصوته العربي العميق، ولأن تجربته الروائية من الأعمال العمانية التي تشكل حلقة وصل بالتجربة الروائية العربية. 

سيتم الاحتفال بتسليم العريمي الجائزة في وقت لاحق ، وستصدر مبادرة "القراءة نور وبصيرة" كتاباً عنه يضم حواراً مطولاً معه ، وشهادات عنه وعن تجربته الإبداعية والانسانية . يشار الى أن جائزة الانجاز الثقافي البارز في السلطنة قد تأسست عام 2009 ، ومن بين الفائزين بها في السنوات الماضية الأديب عبدالله حبيب، والروائي أحمد الزبيدي والمحامي يعقوب الحارثي، وموقع "أكثر من حياة" المتخصص في الحث على القراءة.

الثلاثاء، 16 فبراير 2016

"طاح الورق أنا شجر عاري" كتاب تصدره نور وبصيرة عن الشاعر حمد الخروصي

صدر مؤخراً عن مبادرة “القراءة نور وبصيرة” بالتعاون مع دار “سؤال” اللبنانية كتاب احتفائي بالشاعر العُماني الراحل حمد الخروصي الذي رحل عن دنيانا في مطلع أغسطس الماضي إثر أزمة قلبية ألمتْ به وهو في سويسرا عن عمر ناهز الأربعين عاما.

حمل الكتاب الذي يقع في 240 صفحة من القطع المتوسط عنوان “طاح الورق، أنا شجر عاري” وهو عنوان مستلّ من إحدى قصائد الخروصي الشهيرة، وحرره سعيد سلطان الهاشمي وراجعه سليمان المعمري، فيما صمم غلافه المصمم محمد بن زايد الحبسي.


في مقدمة الكتاب يكتب سعيد الهاشمي: “ليس هذا كتاباً توثيقيا بالمعنى المألوف للكلمة، ولا يدعي ذلك، إنْ هو إلا تحية بسيطة للجمال الإنساني ممثل في شاعرنا الراحل، وتعبير متواضع عمّا كان ـ ولا يزال ـ يمثله حمد في قلوب وأرواح هذه النخبة القليلة التي عطّرتْ هذا الكتاب بمودتها ووفائها للقيمة التي مثلها حمد، ولروحه الباذخة بالعطاء وبالصداقة وبالكرم” ، هذه النخبة القليلة المشارِكة في الكتاب تمثلتْ في فاطمة الجهوري زوجة الشاعر الرحل التي افتُتِح الكتاب بشهادتها المعنونة “كان أبو عبدالله كل شيء في حياتي” ، ثم شقيقه خالد بن عبدالله الخروصي الذي قدم شهادة بعنوان “لروح حمد” ، بالإضافة إلى شهادات وقصائد في رثاء الخروصي قدمها عدد من الشعراء والكتاب هم : سماء عيسى، وإبراهيم سعيد، وعلي الأنصاري، وناصر صالح، وحمود سعود، وبسام أبو قصيدة، وعمار السديري، وإسماعيل المقبالي، وعبدالعزيز العميري، وهدى حمد، ومحمد الصالحي، وحميد البلوشي، وخلفان الزيدي، وجمال الشقصي، وحبيبة الهنائية، وطاهر العميري، ومحمد السناني، وناصر البدري، وخالد نصيب العريمي، ومحمود حمد، وعبدالحميد الدوحاني، ورشا أحمد، وعلي المخمري، وسليمان المعمري، وسعيد سلطان الهاشمي.

يشار إلى أن حمد الخروصي من مواليد الصبيخي في السويق سنة 1976 ، وكان أحد أهم الأسماء في القصيدة الشعبية العُمانية في السنوات الأخيرة، وجمع إلى موهبة الكتابة الشعرية الحس النقدي الذي توَّجَه بكثير من المقالات الناقدة والمحللة للشعر الشعبي العُماني في المجلات الشعرية المتخصصة في السلطنة ودول الخليج، ومشاركته في لجان تحكيم الشعر الشعبي في المسابقات الأدبية في السلطنة والخليج، والتي كان آخرها مشاركته في البرنامج الشعري الخليجي “البيت” الذي تبثه قناة سما دبي . وعمل في سنوات حياته الأخيرة على جمع وتوثيق الشعر الشعبي العُماني القديم في محافظتي الوسطى وشمال الشرقية، حيث سيصدر هذا التوثيق قريبا في كتاب ، كما سيصدر قريبا أيضا ديوانه (غابة كباريت) الذي جمعه في حياته ولكن داهمه الموت قبل ظهوره للنور .

من شهادات الكتاب نختار هذا المقطع من شهادة الشاعر سماء عيسى :
تأتي الوفاة المفاجئة للشاعر حمد الخروصي مثل كل مفاجأة حادة في إيقاعها وتأثيرها، فما يأتي كرحيل مباغت عن الأرض ومن عليها يذكر السائر فجأة بأنه أمام مجهول غامض، وأمام نار انطفأ وهج الحياة بها منذ أمد لا يعرف بداية ونهاية له.
الحياة التي ليست أكثر من لعبة، الحياة التي ليست أكثر من امتحان قدري قاسٍ، الحياة التي ليست غير دورٍ يؤدى مرة كملهاةٍ ، ويؤدى مرة كمأساة، الحياة التي لا يعرف الحديث عنها غير مهرج في مسرح مهجور.
في عينيه كان ثمة حزنٌ غامض وغريب وعميق في آن، حزن لم نكن قادرين على استنباط كنهه وسبر أغواره، ذلك الحزن اللامألوف ربما هو الذي كان يتحدث نيابة عن روحه المهجورة، الروح المضمخة بالعذاب، بالقادم الغريب الذي سيأخذنا بعيداً عمّن نحب، عن أطفالنا ومنازلنا، ولا يترك لنا الأمل في شيخوخة قادمة يستريح معها تحت ظلال شجرة وحيدة في القرى النائية.

الآن فقط، وبعد رحيله، عندما نعيد قراءة إبداعه ندرك كم من النشيج يحمل، وكم من البكاء والألم غرقت فيه تلك الحروف التي كنا نقرأها دون تبصّر وتأنٍّ ، لأننا كنا نقول : “ما زال ثمة وقت طويل علينا لكي تحمل أرواح شعرائنا كل هذا الفقد، وكل هذه الفجيعة” .

الآن فقط وبعد رحيله ندرك ثمة ما هو معتمٌ يغطي ضوء حزنه ورقة شعره، ودمع بكائه، الآن فقط يتسع الوقت للتأمل، وللنظر بعمق إلى ما هو جوهري في الإنسان الغائب، جوهر الحب الذي أعطاه هذا الشاعر العماني النبيل لوطنه، ولأخوته، وللشعراء، من جايله ومن سيأتي بعده، لأجيال الشعراء العمانيين القادمين كنهر يتدفق عذوبة وجمالاً. كتب حمد الخروصي قصائده التي ستظل تنير لنا ولأجيالنا طرقا من الحب لم تسر فيها قلوبنا بعد