الثلاثاء، 16 فبراير 2016

"طاح الورق أنا شجر عاري" كتاب تصدره نور وبصيرة عن الشاعر حمد الخروصي

صدر مؤخراً عن مبادرة “القراءة نور وبصيرة” بالتعاون مع دار “سؤال” اللبنانية كتاب احتفائي بالشاعر العُماني الراحل حمد الخروصي الذي رحل عن دنيانا في مطلع أغسطس الماضي إثر أزمة قلبية ألمتْ به وهو في سويسرا عن عمر ناهز الأربعين عاما.

حمل الكتاب الذي يقع في 240 صفحة من القطع المتوسط عنوان “طاح الورق، أنا شجر عاري” وهو عنوان مستلّ من إحدى قصائد الخروصي الشهيرة، وحرره سعيد سلطان الهاشمي وراجعه سليمان المعمري، فيما صمم غلافه المصمم محمد بن زايد الحبسي.


في مقدمة الكتاب يكتب سعيد الهاشمي: “ليس هذا كتاباً توثيقيا بالمعنى المألوف للكلمة، ولا يدعي ذلك، إنْ هو إلا تحية بسيطة للجمال الإنساني ممثل في شاعرنا الراحل، وتعبير متواضع عمّا كان ـ ولا يزال ـ يمثله حمد في قلوب وأرواح هذه النخبة القليلة التي عطّرتْ هذا الكتاب بمودتها ووفائها للقيمة التي مثلها حمد، ولروحه الباذخة بالعطاء وبالصداقة وبالكرم” ، هذه النخبة القليلة المشارِكة في الكتاب تمثلتْ في فاطمة الجهوري زوجة الشاعر الرحل التي افتُتِح الكتاب بشهادتها المعنونة “كان أبو عبدالله كل شيء في حياتي” ، ثم شقيقه خالد بن عبدالله الخروصي الذي قدم شهادة بعنوان “لروح حمد” ، بالإضافة إلى شهادات وقصائد في رثاء الخروصي قدمها عدد من الشعراء والكتاب هم : سماء عيسى، وإبراهيم سعيد، وعلي الأنصاري، وناصر صالح، وحمود سعود، وبسام أبو قصيدة، وعمار السديري، وإسماعيل المقبالي، وعبدالعزيز العميري، وهدى حمد، ومحمد الصالحي، وحميد البلوشي، وخلفان الزيدي، وجمال الشقصي، وحبيبة الهنائية، وطاهر العميري، ومحمد السناني، وناصر البدري، وخالد نصيب العريمي، ومحمود حمد، وعبدالحميد الدوحاني، ورشا أحمد، وعلي المخمري، وسليمان المعمري، وسعيد سلطان الهاشمي.

يشار إلى أن حمد الخروصي من مواليد الصبيخي في السويق سنة 1976 ، وكان أحد أهم الأسماء في القصيدة الشعبية العُمانية في السنوات الأخيرة، وجمع إلى موهبة الكتابة الشعرية الحس النقدي الذي توَّجَه بكثير من المقالات الناقدة والمحللة للشعر الشعبي العُماني في المجلات الشعرية المتخصصة في السلطنة ودول الخليج، ومشاركته في لجان تحكيم الشعر الشعبي في المسابقات الأدبية في السلطنة والخليج، والتي كان آخرها مشاركته في البرنامج الشعري الخليجي “البيت” الذي تبثه قناة سما دبي . وعمل في سنوات حياته الأخيرة على جمع وتوثيق الشعر الشعبي العُماني القديم في محافظتي الوسطى وشمال الشرقية، حيث سيصدر هذا التوثيق قريبا في كتاب ، كما سيصدر قريبا أيضا ديوانه (غابة كباريت) الذي جمعه في حياته ولكن داهمه الموت قبل ظهوره للنور .

من شهادات الكتاب نختار هذا المقطع من شهادة الشاعر سماء عيسى :
تأتي الوفاة المفاجئة للشاعر حمد الخروصي مثل كل مفاجأة حادة في إيقاعها وتأثيرها، فما يأتي كرحيل مباغت عن الأرض ومن عليها يذكر السائر فجأة بأنه أمام مجهول غامض، وأمام نار انطفأ وهج الحياة بها منذ أمد لا يعرف بداية ونهاية له.
الحياة التي ليست أكثر من لعبة، الحياة التي ليست أكثر من امتحان قدري قاسٍ، الحياة التي ليست غير دورٍ يؤدى مرة كملهاةٍ ، ويؤدى مرة كمأساة، الحياة التي لا يعرف الحديث عنها غير مهرج في مسرح مهجور.
في عينيه كان ثمة حزنٌ غامض وغريب وعميق في آن، حزن لم نكن قادرين على استنباط كنهه وسبر أغواره، ذلك الحزن اللامألوف ربما هو الذي كان يتحدث نيابة عن روحه المهجورة، الروح المضمخة بالعذاب، بالقادم الغريب الذي سيأخذنا بعيداً عمّن نحب، عن أطفالنا ومنازلنا، ولا يترك لنا الأمل في شيخوخة قادمة يستريح معها تحت ظلال شجرة وحيدة في القرى النائية.

الآن فقط، وبعد رحيله، عندما نعيد قراءة إبداعه ندرك كم من النشيج يحمل، وكم من البكاء والألم غرقت فيه تلك الحروف التي كنا نقرأها دون تبصّر وتأنٍّ ، لأننا كنا نقول : “ما زال ثمة وقت طويل علينا لكي تحمل أرواح شعرائنا كل هذا الفقد، وكل هذه الفجيعة” .

الآن فقط وبعد رحيله ندرك ثمة ما هو معتمٌ يغطي ضوء حزنه ورقة شعره، ودمع بكائه، الآن فقط يتسع الوقت للتأمل، وللنظر بعمق إلى ما هو جوهري في الإنسان الغائب، جوهر الحب الذي أعطاه هذا الشاعر العماني النبيل لوطنه، ولأخوته، وللشعراء، من جايله ومن سيأتي بعده، لأجيال الشعراء العمانيين القادمين كنهر يتدفق عذوبة وجمالاً. كتب حمد الخروصي قصائده التي ستظل تنير لنا ولأجيالنا طرقا من الحب لم تسر فيها قلوبنا بعد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق